بات مانشستر سيتي -الذي تميّز بكونه "الفريق المزعج صاحب الإمكانات المالية الضخمة"- القوة الأكبر في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم خلال السنوات الماضية. بيد أنّه يواجه الآن مستقبلا غامضا مع خطر كبير بإقصائه من البريميرليغ.
واتهمت رابطة الدوري الإنجليزي "السيتيزنز" الذي استحوذت عليه مجموعة أبو ظبي المتحدة للتنمية والاستثمار منذ 2008، بارتكابه أكثر من 100 مخالفة لقواعده المالية بين موسمي 2009-2010 و2017-2018، وتمت إحالته إلى لجنة تحقيق مستقلة.
كما اتُهم بطل إنجلترا بعدم التعاون مع التحقيقات التي تجريها رابطة الدوري.
وفي حال ثبوت الإدانة، تتراوح العقوبات من الاكتفاء بإنذار إلى خصم النقاط وحتى توصية رابطة الدوري بإقصاء النادي من البطولة.
ويبدو أن مان سيتي الذي تصدر الشهر الماضي لائحة شركة ديلويت المالية لأغنى أندية العالم، واثق من قدرته على تجاوز العاصفة، مصرا على وجود أدلة "لا يمكن دحضها" تدعم قضيته.
وهي ليست المرة الأولى التي يدخل فيها النادي في جدل قانوني بشأن قضايا مالية، إذ غُرّم 60 مليون يورو (64 مليون دولار) عام 2014 لخرقه لوائح اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم "ويفا".
كما حُظر النادي لمدة عامين من مسابقات الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط 2020 من قبل الهيئة الحاكمة لكرة القدم الأوروبية بسبب "الانتهاكات المالية الجسيمة للعب النزيه"، ولكن العقوبة ألغيت من قبل محكمة التحكيم الرياضية في وقت لاحق من ذلك العام.
والعام الماضي، أوضح الإسباني بيب غوارديولا مدرب "السيتي" أنه سيرحل عن النادي إذا اكتشف أن مالكي النادي كذبوا عليه، وهو السيناريو الأسوأ بالنسبة للسيتي الذي فاز بـ4 من ألقاب البريميرليغ في السنوات الخمس الأخيرة تحت قيادته.
وقال هنري وينتر، كبير كتّاب كرة القدم في صحيفة التايمز، إن السيتي يواجه "مزاعم بارتكاب مخالفات على مقياس صناعي.. إذا ثبت ذلك، فإن العقوبة التي قد تلي ذلك يجب أن تكون مصممة لردع الآخرين الذين يعتقدون أن بإمكانهم النسخ من كتاب السيتي".
لكن سايمون تشادويك أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في مدرسة سكيما للأعمال في باريس، قال إن هناك قضايا أوسع تلعب دورا.
وأشار إلى أن الحكومة البريطانية تنشر قريبا كتابا أبيض (وثيقة استشارية) يمكن أن تشكل أساس التشريع، ومن المتوقع أن تدعم إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة لكرة القدم.
وقال تشادويك "إن الدوري الإنجليزي عالق بين المطرقة والسندان لأنه يشعر بضغط من الحكومة لاتخاذ نهج أكثر قوة في التمويل والحوكمة، لكنه يدرك أيضا أن الحكومة تجعله في الأساس يقوم بعمله القذر من أجلها".
كما سلّط الخبير المالي لكرة القدم كيران ماغواير الضوء على السياق السياسي لحملة الحكومة لتغيير إدارة كرة القدم.
وشرح "يعارض الدوري الإنجليزي الممتاز وجود منظم مستقل في كرة القدم ولا أريد أن أسلك طريق (نظرية) مؤامرة ضخم، لكن الدوري الممتاز يريد أن يثبت لجميع الأطراف المهتمة أنه قادر على الحفاظ على بيته".
وأضاف "إذا لم تقوض الميزة التنافسية البريطانية في كرة القدم، فلن يكون لديك إشارة بأن بريطانيا ستفرض قواعد صارمة على المستثمرين الأجانب".
وقال تشادويك الذي يؤكد على أهمية المال الأجنبي في كرة القدم الإنجليزية، "هذا صراع في عصرنا، وهو اتحاد وطني يحاول فرض القواعد على منظمات غير محلية تعمل عبر الحدود الدولية، غالبا بدعم أو بمساعدة حكومات الدول".
وأضاف "لا يمكن للحكومة البريطانية والدوري الإنجليزي الممتاز أن يُثيرا السخط ويدفعا ويطردا الاستثمار الأجنبي المحتمل، خصوصا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخلال هذه الفترة الاقتصادية الصعبة للغاية".
ويعتقد تشادويك أن النتيجة النهائية لقضية مانشستر سيتي "ستُظهر استسلاما من جانب الدوري الممتاز والحكومة البريطانية".